الذكرى الثالثة بعد المائة لحصار البدو للقديح ووقعة الطف التي حصدت اكثر من 18 شهيد
شهداء القطيف – خاص – الانترنت
بسم الله الرحمن الرحيم
{ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله }
تطل علينا في هذه الأيام الذكرى الثالثة بعد المائة لحصار البدو للقديح ووقعة الطف, والتي سقط خلالها 18 شهيداً من أبطال بلدة القديح, الذين دافعوا عن أراضيهم وشرفهم..مقدمة:لم تمض إلا فترة قصيرة على وقعة الشربة في القطيف، والقلاقل والاضطرابات على أشدها لم تنقطع، بل ازدادت الحرب وامتدت إلى البلدات المجاورة للقطيف، ولما كانت القديح من أقرب البلدات إليها، فقد تحولت هي الأخرى إلى ميدان صراع دام.فدافع أهلها بكل شجاعة ٍ وبسالة عن الأرض والشرف دافعين الروح والولد قرباناً في سبيل ذلك, غير آبهين لحياتهم ولا لأعمارهم الشابة التي تبرعت بالروح وبكل غال ٍ ونفيس..
تمهيد:إن تداعيات وقعة الشربة على الأحداث في القديح، جعلت من موضوع المعارك التي رافقت الحدث، شأناً واحداً متصلاً، وقد جاءت نهاية وقعة الشربة وما رافقها في وقت واحد. فبعد أن ثبت لدى البداة استحالة السيطرة على الحواضر من قرى ومدن بسبب صمودها المنقطع النظير رغم ما تكبدته من إصابات، وبعد أن تحركت القوات العثمانية من البصرة بشكل متأخر لإنقاذ الوضع الأمني المتدهور، انفتحت آفاق الحل السلمي بين الفريقين المتصارعين، وقد كان لا بد من دفع الأموال على شكل ديات للقتلى وكذلك إرجاع بعض الأسلحة التي استولى عليها أثناء المعارك.
وفي القديح، كانت وقعة الطف «عام 1908» ملحقة بوقعة الشربة في القطيف، وسميت الوقعة بـ «الطف» بفتح الطاء، وهو اسم بستان نخيل من بساتين بلدة القديح ويقع غربيها، حيث يبعد البستان عن البلدة مسافة ميل ونصف تقريباً.
تفاصيل وقعة الطف (كما يرويها معاصروها) :معاصرو وقعة الطف، ومن بينهم «محمد علي الزين، وحسين أحمد حميدي، وحسن بن علي، ومنصور بن علي العنكي، وحسن علي عبد رب النبي، ومحمد علي الشيخ آل سليمان», يروون تفاصيل ماحدث في تلك الفترة كما يلي:
في يوم الأحد 15-8-1326هـ، الموافق 29 أغسطس 1908، قدم جمع غفير من البدو الرحل إلى شريط البياض الواقع غرب بلدة القديح وشرق بلدة الأوجام، والممتد جنوباً إلى الظهران وشمالاً إلى الجبيل.. وكان هدف الجمع غزو بساتين النخيل الواقعة غرب بلدة القديح، حيث كان الوقت صيفاً، وثمار الأشجار يانعة قد حان وقت قطافها.
وابتدأ البداة بأول بستان صادفهم ويعرف باسم «الهمال» ويقع في سيحة التوبي، حيث تسلق أحدهم نخلة ليقطع ثمارها على مرأى من الحاج علي بن كاظم المطرود، القائم برعاية البستان نيابة عن مالكه، فاضطر ابن المطرود للدفاع عن نفسه ومنع سرقة الثمار في وضح النهار، فما كان من أحدهم إلا أن صوب بندقيته تجاهه فأرداه قتيلاً، الأمر الذي أثار رجال بلدة القديح ووجهائها، ومن بينهم: علي بن مهدي بن طحنون، وأحمد بن علي بن ناصر، ومحمد بن شيخ أحمد، ومحمد بن حسين بن سليمان شطي.
وقد قرر هؤلاء فيما يبدو الانتقام وإعلان الحرب. ولم تمض سوى فترة زمنية ضئيلة على إطلاق الرصاصة الأولى، حتى انضمت إلى كل جانب جماعات وجماعات، وكثرت الحشود وتحولت جداول مياه البساتين إلى خنادق تنطلق منها النيران والرصاص من كل اتجاه، واتسعت مساحة المعركة حيث امتدت من نخل الهمال إلى نخل «الطف» الذي سميت الواقعة باسمه.
نهاية الوقعة ونتائجها:بالقرب من الطف، اشتدت ضراوة المعركة وقساوتها، واستمرت في هذا المكان مدة من الزمن، وقد قتل وجرح من الطرفين أعداداً غير قليلة,
فسقط من بلدة القديح عدد 18 شهيد من الابطال الذين دافعو عن اراضيهم وعن شرفهم..
فمن القديحين قتل كل من: محمد بن علي بن غزوي، سلمان بن محمد أبو سلطان، محمد صالح عبيدان، أحمد بن حسين تريك، كاظم عبد اللَّه الجبيلي، علي مهدي طحنون، أحمد البشراوي، صالح دخيل، هاشم ناصر أبو الرحي، حسين بن علوي السعيدي، حسن المياد أبو حميدان، مهدي بن صالح توات، علي أحمد سليمان، يعقوب كاظم عبيدان، محمد صالح علي آل عبيدان، حسن العوازم، أحمد الحابشي العلوان، محمد احميميضة.
وكان من بين الجرحى: أحمد عبيدان، ومحمد عبيدي، وعلوي السيد سلمان الخضراوي، ومحمد السليمان، وحسن هاشم علوي أبو الرحي، وأحمد مدن الحليلي.
هؤلاء الشهداء, وأصحابهم من الجرحى هم من أهل القديح الأحرار الأباة, رافضي الذل والمهانة, هؤلاء قوم ٌ يرفضون العيش في جو ٍ تستباح فيه الأرض ويباع وسطه الشرف والعرض والكرامة والعزة..
هؤلاء بأرواحهم الطاهرة النبيلة..هم من نقف على ذكراهم..هؤلاء آباءنا وإخواننا وأزواجنا وأولادنا الشرفاء رمز العزة والكرامة..
ألف تحية ٍ لهؤلاء..
ألف سلام ٍ وألف تكريم ٍ لهؤلاء..
ألف وردة..
وألف شمعة..
لهي أبسط وأقل من القليل في حق شهداء القديح الذين رفعوا رأسي ورأسك َ ورأسك ِ ورؤوسنا ورؤوسكم جميعاً يا أيها الشعب..
نعم هم فخرنا ونبراس اعتزازنا..
نعم حققوا الشيء الكبير من كرامتنا وحافظوا على شرفنا..
هم كانوا كاللبؤة الشرسة التي لاتسمح لمخلوق ٍ أن يقترب من أبنائها; فلم يسمحوا لأحد ٍ بالاقتراب من أراضينا وأملاكنا وأملاك أولادنا من بعدنا..
هؤلاء يستحقون منا ومنكم الشيء الكثير
يستحقون أكثر من الكثير
لكنني هنا أطلب الشيء البسيط (وليسامحني هؤلاء الأبطال ولتسامحني ذكراهم العطرة الطيبة)
ما أطلبه منكم هو أن تحييوا ذكرى الأبطال
أن تضيئوا ليلة النصف من شعبان بالشموع وتكللوها بالزهور والرياحين
أن تقفوا مع اكتمال القمر على أبواب بيتكم..فتغدقوا الأجواء بماء الورد الزكي..
أن تهللوا وتفرحوا وتتشرفوا بذكرى أبطالنا الشجعان
قرية القديح الأبية لهي أكبر قرى العالم من حيث الكثافة السكانية..أفلا يمكن لبيوتها المحمدية أن تتشرف بتكريم هؤلاء الأبطال؟
ثمانية عشر شهيد..ومن عوائل معروفة بالقديح..أفهل يعقل أن ينساهم أهاليهم وجيرانهم ومعارفهم؟
هي ليلة فرح ٍ في فرح..هي ليلة تغاريد وبهجة..هي ليلة ميلاد الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف, وأيضاً هي ليلة استشهاد 18 قمراً من أقمار القديح..
فيا أهالي القديح, ويا أهالي القطيف, ويا جميع الأهالي
أحييوا ذكرى من ماتوا لتعيشوا بشرف ٍ وعزة..واجعلوها ليلة فرح ٍ وشرف ٍ وانتصار..
شهداء القديح الأبرار..إلى جنان الخلد جميعاً أيها الأحرار الأباة..
إنا لله وإنا إليه راجعون